دجال أجبر طفلين على شرب 70 لتر مما أدى لوفاتهما


جزائريون يعانون من مشعوذين يزعمون أنهم راقون شرعيون


يقبل الكثير من الجزائريين على العلاج بالرقية الشرعية، غير أن رهطا كبيرا منهم يلجأون إلى مشعوذين ودجالين ظنا منهم أنهم راقون شرعيون في وقت تشير بعض الدراسات إلى أن عدد أولئك المشعوذين يتراوح بين 15- 20 ألف شخص وأن أغلب زبائنهم من النساء.

ويقول علماء الدين إن صفة العلاج بالرقية قيام المعالج بقراءة آيات من القرآن الكريم على محل الألم، أو على يديه للمسح بهما، أو في ماء ونحوه، وينفث إثر القراءة نفثا خاليا من البزاق، وإنما هو نفس معه بلل من الريق، ومن شروط صحة الرقية أن لا يكون فيها شرك ولا معصية، أن تكون بلغة يفقه معناها، وأن لا يعتقد كونها مؤثرة بذاتها بل بإذن الله تعالى.

ومن بين الحوادث الحزينة التي نشرتها الصحف الجزائرية مؤخرا، مأساة فتاة قصدت أحد المشعوذين ظنا منها أنه راق، فإذا بها تجد نفسها في "مخبر" للتعذيب، حيث استعمل الراقي المزعوم أسلاك الكهرباء كحل أخير لإخراج "العفريت" الذي يسكنها، وانتهت العملية بجروح وكدمات على جسدها العليل دون أن يغادره الجني.

ويؤكد أحد الراقين لـ"العربية.نت" رفض الكشف عن هويته، أنه وقف على قصص مؤلمة يزعمون أنهم يمارسون الرقية وهم في الحقيقة مشعوذون ومنحرفون، موضحا أن هناك أشخاصا فتحوا مكاتب وشغلوا سكرتيرات ووضعوا لوحات إعلانية تشهر لمكاتبهم، وهناك من تجرأ ونشر إعلانا في الجرائد يعرض فيه على الناس خدماته في الرقية "الأكيدة" مقابل أموال.

ولعل أخطر حالة رقية اطلع عليها الرأي العام الجزائري هي تلك التي شهدتها منطقة باب الزوار بالعاصمة الجزائرية قبل نحو عامين حيث أقدم مشعوذ ادعى أنه راق شرعي على إجبار طفل وأخته على شرب 70 لتر من الماء وانتهت جلسات الرقية المزعومة بوفاة الطفلين، ثم ما لبثت أن تحولت الحادثة إلى قضية وطنية بعدما دخلت أروقة العدالة الجزائرية.

وفي هذا السياق، قالت السيدة (عفيفة .م) وهي ربة بيت جامعية لـ"العربية.نت" "لقد أصبت بدوار عندما أخبرني زوجي بما حدث لهذين الملاكين الصغيرين" وطلبت من السلطات الرسمية في البلاد المسارعة إلى تنظيم هذه المهنة وعدم تركها في يد من وصفتهم بـ"سماسرة الدين"، لأن الرقية برأيها "سلوك متجذر في المجتمع الجزائري ويقدم عليه الفقير والغني، المتعلم والأمي، البواب والجنرال".


معاناة فتاة مع محطة شعوذة

من جهة أخرى يعاني الجزائريون كغيرهم من الشعوب العربية من فضائيات الشعوذة والسحر، وفي هذا الإطار، كشف الراقي "فضيل ياسين" وهو خريج كلية الشريعة بجامعة الجزائر لـ"العربية.نت" أن عائلات كثيرة من العاصمة طلبت منه التدخل لإنقاذ أبناء وبنات راحوا ضحية "التداوي عبر فضائيات الشعوذة"، ويذكر فضيل أنه تدخل بصفة عاجلة لدى عائلة قصدته لتقديم الرقية لضحايا قناة معروفة لدى العامة بأنها تقوم بعمل الرقية بينما هي تمارس الشعوذة والدجل.

وقال فضيل إن الفتاة سمعت بقناة متخصصة في الرقية فجلست أمام الشاشة وماهي إلا لحظات حتى تغيرت ملامح الفتاة قبل أن تسوء أوضاعها وتصاب باعوجاج في جسدها، بينما كان المشعوذ يقرأ عبر الأثير، وأمام هذا الوضع الحرج لجأ أهل الفتاة المسكينة للاتصال بي لمساعدتها.

الرقية ممنوعة في أماكن العبادة

وفي تعليقه على الانحراف الحاصل في ممارسة الرقية، أوضح عبدالله طمين مستشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف لـ"العربية.نت" أن "هذه المهنة موروثة ولا يوجد قانون ينظمها، وأن الوزارة بعد حادثة باب الزوار الذي ذهب ضحيتها طفلين أصدرت تعليمات لكل المنتسبين إلى القطاع بمنع استعمال أماكن العبادة لأغراض الرقية أو الحجامة، وأضاف أن البيوت والمنازل التي تمنح للأئمة معنية بقرار المنع حتى لا تحدث تجاوزات باسم مؤسسة رسمية تمثل الدولة.

وأوضح طمين أن لجنة الفتوى قد اجتمعت مع مشايخ وعلماء جزائريون وتم الاتفاق على إصدار فتوى مفادها أن الإنسان يستطيع أن يرقي نفسه بنفسه، وأن الرقية مرتبطة بالخشوع، وأنه ليس ضروريا لتكون راقيا أن تكون إماما في المسجد.